حكم بيع العربون في الإسلام



العربون في البيع هو جزء من المال الذي يدفعه الشاري للبائع بهدف إظهار نية وعزم على إتمام هذه البيعة، وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني(4): إن العربون هو أن يقوم الشخص بشراء سلعة ما فيدفع للبائع مبلغا وقدره، وذلك دلالة على أنه إن أخذ السلعة احتسب هذا المبلغ من الثمن، وإن لم يأخذ فيعد المبلغ  من حق البائع".

ويذكر الدكتور بلال ابداح والحاصل على دكتوراه في العقيدة الإسلامية في هذا التقرير حكم بيع العربون في الإسلام:

بداية يشير ابداح إلى مفهوم بيع العربون بقوله: "أنه دلالة على أن المشتري صرف النظر عن شراء سلعة ما، بمعنى أنه لا يريد إتمام عقد البيع."
وينوه إلى أن عقد البيع هو عقد لازم على الطرفين البائع والمشتري، واذا قام المشتري بدفع جزء من المال ثم صرف نظر عن الموضوع فالأصل في ذلك أن يجبر المشتري على تسليم باقي المبلغ ويستلم سلعته، ويلزم كذلك البائع بإعطاء السلعة للمشتري بعد أن يتم دفع كامل المبلغ المستحق عليه، بدلالة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( المسلمون عند شروطهم))، ويقول الله تبارك وتعالى في ذلك أيضا:(( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود))."

وفي حال دفع المشتري ثمن العربون ورفض أن يتم البيعة وخلف نيته وصرف نظره عن الشراء يصبح السؤال في هذه النقطة، ما حكم المال المدفوع كجزء من هذه السلعة وهو في حوزة البائع؟!

يجيب الدكتور ابداح بقوله:" بحسب اجماع العلماء والمذاهب بأن هذا المبلغ يصبح حلا حلال للبائع، بناءا على أدلة كثيرة منها أن سيدنا عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه أنه تعامل في هذا البيع ولم يخالفه أحد من الصحابة، ولم ينكر عليه أحد فأصبح بذلك في ظل حكم الإجماع، بالإضافة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( البيعان بالخيار مالم يفترقا إلا بيع الخيار))، ويقصد في بيع الخيار وهو الشرط الذي يضعه البائع أو المشتري في عقد البيع، كأن يضع المشتري احتمالية تغيير رأيه في هذه المدة، وقد أجاز العلماء ذلك، وبعضهم حدد الفترة التي تسبق فترة الشراء بعد دفع العربون."

ويشير الدكتور ابداح إلى أن حكم الاسلام في هذه المسألة يدل على حرصه على البائع التاجر كحرصه على المشتري، فلعل أحدهم قد جاء وفاوض البائع على سلعة ما سواء كانت عقار أو أرض أو بيت أو سيارة أو ماشابه، ودفع مبلغا أكثر من المبلغ الذي تم الاتفاق عليه مع المشتري الأول سابقا، فمن باب الالتزام وضع الإسلام هذه الشروط في عقود البيع والشراء، حيث أن المسلمين عند شروطهم وكلامهم وعقودهم، فإذا أخلف أحد الطرفين نيته فما ذنب الطرف الآخر الذي عقد أملا على السلعة."

وأشار ابداح "أنه ومن باب تحقيق العدالة في هذه المسألة كثيرا من الفقهاء المعاصرين ذهبوا إلى قول أن مبلغ العربون إذا كان كبيراً نسبياً على حجم الخسارة المتوقع أن يكون قد خسرها البائع فلا يعطى كل العربون و إنما جزء منه بالتراضي والتوافق فإن اختلفا فليحتكموا إلى خبير."

 
في المقابل ذكر الجمهور الفقهاء والعلماء إلى حرمة بيع العربون وذلك استنادا إلى ما رواه ابن ماجه عن "أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون".

وفي المذهب الحنبلي أجاز جمهور الفقهاء فيه بيع العربون، وضعف الامام أحمد بن حنبل نا روي عن رسول الله في تحريم بيع العربون.

واستند الإمام احمد بن حنبل عن ما رواه عن نافع ابن الحارث "انه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن اميه بأربعة آلاف درهم فان رضى عمر كان البيع نافذا وان لم يرض فلصفوان أربعمائة درهم."

وذكر ابن سيرين وابن المسيب فتواهم في بيع العربون بقولهم لا بأس إذا كره المشتري السلعة  و أراد أن يردها ويرد معها شيئا.







إرسال تعليق

0 تعليقات