سامراء هي مدينة عراقية أطلق عليها سر من رأى في عهد الخلافة العباسية حينما كانت مزدهرة و عامرة، وهي مدينة تقع على الضفة الشرقية من نهر دجلة الكبير وتبعد ١١٨ كم عن العاصمة العراقية بغداد.
وفي هذا التقرير عرض لسيرة التاريخية والأثرية السياحية لهذه المدينة بالرجوع إلى كتب تاريخية كثيرة معتمدة بالبلاد منها: كتاب "سامراء" لأبي البركات وكتاب "تاريخ سامراء" للسجادي:
اكتسبت المدينة أهمية استراتيجية منذ أقدم العصور، قبل العصر الإسلامي، وأخذ المعتصم الخليفة العباسي يبحث عن موضع بناء عاصمته، فأقام ثلاثة أيام في موضع كان يوجد فيه دير وعندما استحسنه اشترى أرض ذلك الدير وبنى المدينة ثم انتقل مع قادته وجنده إليها، وبعد زمن قصير قصدها وسكنها الناس وسميت بالمعسكر.
وكان هارون الرشيد قد اختار موضعها لتشييد قصر له سمي باسمه وعزم على إنشاء مدينة لكنه لم يكمل بنائها رغم أنه حفر أول نهر فيها.
أما المأمون العباسي أنشأ قرية في موضع مدينة سامراء التي تقع اليوم على الضفة الشرقية لنهر دجلة وتبعد نحو ١١٨ كم إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد.
أنشأت المدينة في الأساس لتكون محاذية لنهر دجلة وبعمق متوسط ويقال إن المدينة توسعت لتتربع على طول يبلغ ٧٠ كم على امتداد النهر، أما الموقع الأثري فيعتبر اليوم من أكبر مواقع الحفريات الأثرية في العالم.
ظلت المدينة مقرا للخلافة العباسية فترة تقرب من ٥٨ عاماً من عام ٢٢٠ للهجرة إلى عام ٢٧٩ للهجرة، والخليفة العباسية العاشر أبو الفضل جعفر المتوكل على الله والذي دام حكمه ١٥ عاماً وفر قدرا كبيرا من الرفاهية والأمن والرخاء واهتم بالشعراء والعلماء والأدباء مثلما اهتم ببناء القصور، فقد بنى عددا من القصور في أنحاء مختلفة من سامراء وتفنن في تزيينها وزخرفتها وتصميم حدائقها وبركها.
—المتوكلية:
مدينة المتوكلية كانت من أبرز أعماله العمرانية حيث أسسها بعد أن بذل جهودا كبيرة في توسعة مدينة سامراء وتحسينها وايصال الماء إليها حيث كان يرغب في إنشاء مدينة جديدة يشرف على تخطيطها وبنائها وتشتمل طرقات عديدة ومستقيمة وقصور فخمة وحدائق غناء ومتنزهات كثيرة ومباني واسعة، فاختار موضعا يقع شمال مدينة سامراء يبعد ٢٠ كم عنها ويمتد على ضفاف دجلة مثل مدينة سامراء وفيه نهر يمكن أن يسد حاجتها للمياه إن أعيد حفره.
حدد المهندسون مواضع قصر الخلافة ودار الخلافة والدواوين الرسمية والمناطق السكنية وما خصص للقادة والجنود، وشقو الشارع الأعظم وحفروا على جانبيه جدولين يجري فيهما ماء النهر الكبير وجعلوا الأسواق الكبيرة في موضع منعزل.
أحاط بالمدينة سور مضلع على شكل يميل إلى الاستدارة بلغ طوله ٤ كيلو مترات ونصف الكيلو متر ووصل ارتفاعه إلى سبعة أمتار وكان له تسعة عشر برجا وأربعة أبواب، وقد ظل السور ماثلا للعيان حتى عام ١٩٣٦ للميلاد.
تقع أطلال مدينة المتوكلية اليوم على ضفاف نهر دجلة على بعد عشرة كيلومترات عن مدينة سامراء، بينما تبعد أطلال جامع أبي دلف المسجد الجامع لمدينة المتوكلية ١٥ كم عن مدينة سامراء.
—جامع أبي دلف:
بقايا جامع أبي دلف أبرز آثار مدينة المتوكلية ويشبه في تخطيطه وشكله العام جامع الملوية الكبير الذي شيده المعتصم في سامراء، كما أن فيه ماذنة ملوية تشبه ماذنة جامع الملوية الكبير الا أنها أصغر منها حجما وتقع خارج السور من الناحية الشمالية وتتميز بتصميم فريد لم يظهر من قبل في المساجد الإسلامية حيث أقيمت على قاعدة مربعة ارتفاعها ثلاثة أمتار ويرتفع فوق القاعدة برج حلزوني بعكس عقارب الساعة درجاته من الخارج تتناقص مع الارتفاع وعددها ٣٩٩ درجة، والارتفاع الكلي للماذنة يبلغ حوالي ٥٠ مترا، وفي أعلى القمة طبقة كان يرتقيها المؤذن.
ويحيط المسجد من الخارج سور من الآجر ارتفاعه ١٠ أمتار وتدعمه أبراج نصف دائرية عددها أربعون
0 تعليقات
هل ترغب بالتعليق على الموضوع