تعد مدينة أبي الجعد من المدن المغربية التي تمتلك تراثا تاريخيا و أثريا وثقافيا كبيرا في البلاد، حيث تشكل هذه المدينة جزءا من الهوية والانتماء بشكل عام، والذاكرة المغربية الإسلامية بشكل خاص وذلك بسبب دورها الديني المتمثل في المذهب الصوفي الذي ابتدأه مؤسس الزاوية الشرقاوية أبو عبيد الله محمد الشرقي وكان من أبرز رجاله.
وفي هذا التقرير عرض لتاريخ هذه المدينة ومكانتها في المملكة المغربية بالرحوع إلى ما قاله الباحث في تاريخ الحديث والمعاصر والمختص في مجال التصوف والزوايا، أحمد البوكاري الشرقاوي في مقابلة صحفية سابقة:
يعود تأسيس المدينة إلى سنة ١٠٠٨ للهجرة تقع في إقليم خريبكة في المغرب التابع لجهة الشاوية ورديغة بالقرب من قصبة تادلة والفسفاط، وسط مدينة المغرب.
أقام سيدي محمد الشرقي نواة عمرانية في منطقة أبي الجعد، حيث حفر فيها بئرا وأقام المساجد ودور العبادة، وارتحلت إليها المساكن فيما بعد وأقام هو مسكنا آخر خاصا به وبأسرته وضيوفه، حتى أصبحت معلما مشهورا بمنطقة تادلة وخارجها.
كان هدف أبي عبيد الله محمد الشرقي من تأسيس زاوية أبي الجعد هي نشر الشعائر الدينية الصوفية إلى كل مناطق المغرب، واستمر انتشار الصوفية حتى بعد وفاة الشرقي على نفس النهج ونفس المسار لمئات السنين بالرغم من بعض الأزمات التي عصفت بالمنطقة.
حيث ساهمت هذه المنطقة في تحفيظ أبنائها القرآن الكريم وتدريس علومه حتى غدت الزاوية قبلة لأبناء منطقتي الشاوية والتادلة وغيرهما للمساعدة على نشر الدين وتعاليم القرآن والسنة.
وتأتي هذه الشهرة أيضا من اهتمام شيوخ الزاوية بالفقه وأصول الدين مثل الشيخ محمد الصالح الذي حرص مع غيره في توصيل الدين الإسلامي وعلوم القرآن الكريم بفقهه وأصوله.
ولا زالت هذه المنطقة حتى هذا اليوم قبلة للزوار من كافة أرجاء المملكة المغربية خاصة خلال فترة انعقاد ما يسمى (بموسم الوليد الصالح سيدي بو عبيد الشرقي) والذي أصبح موعدا سنويا يذكر بتاريخ المدينة الديني والإسلامي.
وضمن الرصيد الديني والصوفي عمد أبناء هذه المدينة على استمرار فاعلية الزاوية ورسالتها واتخذ هذا التشجيع مظاهر عديدة مثل بناء قبة مؤسس الزاوية وزخرفتها وترميم بعض المرافق المحيطة بها.
وتزامنت فترة ازدهار منطقة أبي الجعد مع فترة حكم أكبر ملوك السعديين وهم محمد الشيخ و عبد الله الغالب وأحمد منصور الذهبي، وازدهرت المدينة وزادت مرافقها وعمرانها وتوسع نشاطها الديني والعلمي في عهد المولى إسماعيل حتى أصبحت تستقطب النشاط العلمي من المنطقة وخارجها.
في الوقت الحالي تعتمد المدينة في اقتصادها على الصيد ورعي الأغنام والماشية والتي تتمثل في الأغنام الصفراء التي تملك الجودة العالية، بالإضافة إلى أنها تشمل على محمية لفصيلة نادرة من الغزلان تدعى باسم (ادم)، فيها كما توجد بعض من معامل الرخام والحجر الكلسي الذي يصنع منه الجير، إضافة إلى كل ذلك تحتوي المدينة على عدد من الغابات مثل:
• غابة سيدي الغزواني.
• وغابة الشباب.
• ومنتزه بني زرانتل.
وتحتفظ المدينة بالصناعات التقليدية حيث تحوي على محلات النجارة و الحرف اليدوية والحياكة المتمثلة في (الزربية الزمورية الحنبل، البيزارة) وأصبحت تعرف هذه المدينة سياحيا وثقافيا من خلال هذه الصناعات.
0 تعليقات
هل ترغب بالتعليق على الموضوع