المسجد العمري الكبير في غزة يعد ثاني أكبر المساجد وأقدمها في فلسطين وأطلق عليه هذا الإسم تكريما للخليفة الإسلامي عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان موقع المسجد الحالي معبدا فلسطينيا قديما، ثم حوله البيزنطيون إلى كنيسة في القرن الخامس الميلادي وبعد الفتح الإسلامي تحول المبنى إلى مسجد حمل اسم الخليفة عمر بن الخطاب.
وفي هذا التقرير عرض للسيرة التاريخية الخاصة بالمسجد العمري الكبير في وسط مدينة غزة بحسب المرشد السياحي للمسجد طارق هنية:
—الموقع:
يقع المسجد وسط غزة القديمة بالقرب من السوق العتيقة وتبلغ مساحته ٤١٠٠ متر مربع ومساحة فنائه ١١٩٠ مترا مربع، ويحمل ٣٨ عامودا من الرخام ببنيانه المتين والجميل والذي يعكس في ذلك عراقة الفن المعماري الإسلامي في مدينة غزة.
—التاريخ:
هدمت أجزاء من المسجد وتحول إلى كنيسة في سنوات الاحتلال الصليبي لبيت المقدس ثم أعاد المماليك بنائه في القرن الثالث عشر الميلادي، غير أن بناء المماليك هدم تماما على يد المغول قبل أن يعيد بنائه سنقر العلائي من ولاة المماليك أيضا بعد سنوات من هدمه.
جاءت التوقيعات المدونة على المسجد تحمل أسماء الناصر صلاح قلاوون وقايتباي والأشرف قنسوة الغوري والخليفة العباسي المستعين بالله، وجميعهم تتراوح فترات حكمهم بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر الميلادي.
ومع دخول فلسطين تحت الحكم العثماني أعيد ترميم المسجد ووجد توقيع موسى باشا الوالي العثماني لغزة عام ١٦٦٣ من الميلاد في الحرم الداخلي للمسجد.
أصاب الجامع خراب كبير في الحرب العالمية الأولى حيث تهدم القسم الأعظم منه وسقطت مإذنته وجدد المجلس الإسلامي الأعلى عمارة الجامع سنة ١٣٤٥ من الهجرة الموافقة لسنة ١٩٢٦ للميلادية تجديدا شاملا أعاد له بهائه القديم.
— المإذنة:
تعد مئذنة المسجد من أبرز معالم هذا الصرح الإسلامي الكبير، ويأتي مظهرها مستوحى من الثقافة المملوكية في الإعمار في غزة، وتأخذ شكلا رباعيا في الجزء السفلي، ومثمنة في الجزء العلوي منه، وتم تشيد هذه المئذنة من حجر الأساس حتى الأعلى، بما في ذلك الجزء العلوي الذي يتجزء إلى أربع مستويات، أما رأس المئذنة فيتكون أغلبها من الخشب والبلاط ، وهي تشابه غالبية المساجد الإسلامية في بلاد الشام.
— المكتبة العمرية:
شيد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس مكتبة وأسماها بالمكتبة العمرية وكانت تحوي على كم هائل من الكتب والمخطوطات الأثرية والتاريخية والعلمية وفي مختلف الفنون تضم في اكنافها أكثر من ٢٠ ألف كتاب، وذلك قبل أن تتعرض للهدم والسرقة أثناء الغزو الفرنسي والحرب العالمية الأولى، ولم يتبقى منها هذا اليوم سوى غرفة قريبة من الباب الغربي، و تحوي على ١٣٢ قطعة من المخطوطات ما بين مصنف كبير ورسالة صغيرة، ويعود أقدمها إلى عام ٩٢٠ للهجرة.
لا يزال المسجد إلى اليوم منبرا علميا دينيا وتربويا ثقافيا حيث يضم في اكنافه العديد من حفاظ كتاب الله تعالى من جميع الأعمار، كما وتقام فيه الحلقات الدينية في الفقه وأصول الدين الإسلامي، بالإضافة إلى مكانته الاجتماعية والسياسية التاريخية الأثرية.
وبعد أن شهد المسجد رحلة من البناء والهدم بقي حتى يومنا هذا صامدا أمام طغيان الغازين والمحتلين، حيث أنه لم يسلم من بطش الاحتلال الإسرائيلي وتعرض أكثر من مرة للاستهداف في الحروب التي شنتها إسرائيل على الأراضي المحتلة قبل أن يعاد ترميمه وإصلاحه.
0 تعليقات
هل ترغب بالتعليق على الموضوع