دا سيلفا زعيم الفقراء .. من عامل نظافة إلى رئاسة البرازيل




لويس أغناسيوس دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل لولايتين متعاقبتين منذ عام عام 2003،  لقبه شعبه بزعيم الفقراء ونصير المحرومين، لم يكمل الرئيس دراسة الصف الخامس الابتدائي ولم يحصل على خلفية أكاديمية،  لكنه نهض في البلاد حتى جعلها من أقل دول العالم الثالث غلاءا، ووضع برامجا عديدة لإخراج ملايين الفقراء من خط الفقر، كما صعد بالبلاد اجتماعيا واقتصاديا وعسكريا وحتى أنه تحدى إسرائيل بجعل العديد من دول أمريكا اللاتينية تعترف بفلسطين، إضافة إلى محاولاته لوقف تصنيع الأسلحة وتطوير العلاقات بين بلده والدول الأخرى.


وفي هذا التقرير عرض للمسيرة السياسية للرئيس السابق دا سيلفا بالرجوع إلى كتاب لولا دا سيلفا للكاتب والباحث ابراهيم السخاوي:

النشأة والتكوين:
ولد في أكتوبر سنة 1945 في مدينة جارانهونس الفقيرة حيث كان يقطنها الهنود الحمر منذ آلاف السنين، قبل أن يقطنها البرتغاليون، ويتخالطوا ويتزاوجوا معهم، و كان  له ثماني أخوة و هو السابع من بينهم، تركهم والدهم الذي كان صعب الطباع ورحل، وتولت أمهم الاعتناء بهم وتربيتهم.

و اضطرت والدته أن تعيش مع أطفالها الثمانية في غرفة واحدة في حي فقير، غير أنها عملت على تربيتهم  وساهمت في تربية وتكوين شخصية دا سلفيا، الذي قال عنها «لقد علمتني كيف أسير رافعا رأسي، وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون».

عندما وصل للصف الخامس أجبر على  ترك الدراسة، وذلك بسبب فقر عائلته  ومعاناة أمه في تحصيل لقمة العيش، وعمل بعدها صباغا للأحذية، ثم بائع مناديل ورقية بالشوارع، ثم بائع خضراوات، و في ورشة للنجارة، وبقي يتنقل من مهنة إلى أخرى حتى عمل ميكانيكيا في ورشة لتصليح السيارات.

وأثناء عمله في ورشة تصليح السيارات قطع اصبعه الصغير من يده اليسرى وكان يبلغ حينها سن الـ 19، وبعد وقوع هذا الحادث ذهب إلى نقابة العمال لتحسين وضعه، وذلك لأنه عانى كثيرا كي ليحصل على علاج، فعمل كعامل نظافة لفترة قبل أن ينغمس في السياسة.

• المسيرة السياسية:

   في عام 1980 وفي ظل احتكار الحكومة من قبل الجيش عم اضراب عام للمصانع آنذاك في مدينة ساو باولو و ترأس دا سيلفا خطاب نقابة العمال، وكان كلامه ينتقد الحكومة بشدة، مما أدى إلى سجنه لمدة شهر، ثم حكم عليه في المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف بتهمة التحريض، ولكن تم إطلاق سراحه في عام 1982 وفي ذات السنة شارك في أول انتخابات لحكومة البلاد ولكنه خسر.

ثم قام بترشيح نفسه لرئاسة البلاد وخسر ثلاث مرات متتالية ، و لم ييأس وزاد إصراره، وظل محط أنظار الجميع في المعارضة، وكان حزب العمل الذي ينتمي إليه يتطور باستمرار حتى تمكن من النجاح في  الإنتخابات الرئاسية خلال المحاولة الرابعة، وكان ذلك في عام 2003 بعد أن نال على نسبة تقدر ب 62%  لأكثر من 51 مليون من إجمالي عدد المنتخبين.

ليصبح لولا بذلك أول رئيس يساري تم انتخابه منذ قيام جمهورية البرازيل، واستطاع أن يتولى الحكم  لدورتين متعاقبتين حتى سنة 2011،  قاد البرازيل فيها إلى التطور وقضى على الفقر وأوصل البلاد في 8 سنوات لمصاف الدول المتقدمة.


يحظى الرئيس  بشعبية كبيرة في البلاد وخاصة لمن هم أصحاب الطبقة الفقيرة الذين لقبوه ب “بطل الفقراء” " نصير المحرومين" نظرًا لجهوده في إعالة الفقراء وتحسين مستوى معيشتهم من خلال برامج عديدة ساهمت في حل مشاكل الفقر في البلاد

      تتمتع البلاد حاليا بفائض يفوق 200 مليار دولار وتعتبر من دول العالم الثالث  الأقل غلاءا وذلك بفضل تحقيق العدالة الاجتماعية الذي عمل عليه الرئيس، إلى جانب تحديث نظام الجيش حيث أصبح من أكبر الجيوش في أمريكا الجنوبية ويحوي على 370 ألف عسكري وذلك بسبب تطبيق نظام التجنيد الإجبارى للاعمار ما بين   سن 21 إلى 45 عامًا وكانت مدة الخدمة تتراوح  ما بين 9 إلى 12 شهرًا .

بالإضافة إلى عمليات التصنيع والتصدير بالاعتماد على عدد كبير من الشركات العملاقة، مما جعل البلاد تحتل المرتبة الثامنة كأكبر اقتصاد على مستوى العالم.

‎تمكن الرئيس من الصعود بالفقراء وتحسين معيشة  أكثر من 20 مليون شخص تحت خط الفقر،  وبالرغم من انهيار البورصة البرازيلية أثناء تسلمه مقاليد الحكم، إلا أنه تمكن من احتواء رجال الأعمال بالمزامنة مع برامج مكافحة الفقر .

و ارتكز على عدد من الشركات التي تصنع السيارات والطائرات في البلاد، بالإضافة إلى مصانع المنتجات الغذائية، كما أدى نزول سعر الريال البرازيلي إلى زيادة في  صادرات الدولة حتى وضعت البرازيل في قائمة الدول المؤثرة في الخمس عشرة سنة المقبلة.

  وقد نجح الرئيس في تنفيذ برنامج “بولسا فاملي”؛ وهو برنامج وضع لرفع المستوى الاجتماعي في البلاد، ضم فيه تحسين حال ثمانية ملاين أسرة من الطبقة العاملة، عن طريق توفير دخل بحد أدنى 160 دولارًا.

ولقد وصلت تكلفة هذا البرنامج لما يفوق 80 مليار ريال برازيلي إلا أنه مول من عائدات الضرائب التصاعدية التي تشكل ما يفوق 40% من عائدات الدولة،  واشترط على الأهالي المسجلين في هذا البرنامج أن يواظب أبنائهم على الدراسة.

—حياته الشخصية:
  تزوج عام 1969 من سيدة برازيلية توفيت بعد عام واحد من الزواج بسبب مرض التهاب الكبد الوبائي، وخلال عام 1974 تزوج مرة أخرى وأنجب 5 أبناء.
  ‎
عند انتهاء فترة حكمه الثانية خرج شعبه إلى الساحات بالملايين مطالبا بتعديل الدستور حتى يظل لفترة ولاية ثالثة،  فرد باكيا:(قاومت قبل عشرين عاما ودخلت السجن لمنع الحكام من أن يبقوا في الحكم أطول من المدة التي حددها الدستور ، كيف اسمح لنفسي أن أفعل ذلك الآن ).
 

إرسال تعليق

0 تعليقات